” منازعات قانون الاستثمار الأجنبي وفقا لقانون تبسيط إجراءات التقاضي رقم 125/2020″

” منازعات قانون الاستثمار الأجنبي وفقا لقانون تبسيط إجراءات التقاضي رقم 125/2020″

” منازعات قانون الاستثمار الأجنبي وفقا لقانون تبسيط إجراءات التقاضي رقم 125/2020″

Mr. Abdulmalik al Mahrezi
T. +968 911 188 13
E. abdulmalik.almahrezi@kco.om

حظِي الاستثمار بإهتمام كبير في الأدب الاقتصادي التنموي الذي يُعَد المفتاح الرئيس للتنمية الاقتصادية ، ولقد أسهب الاقتصاديون في تفسيرهم لمفهوم الاستثمار وتناولوه من زوايا عديدة مادية وأخرى غير مادي، فقد عرفه أدام هايز مجموع القيمة الإجمالية والكمية من رأس المال والمستخدمة في إنتاج مجموعة الخدمات والسلع والمواد وتوفيرها في الأسواق المخصصة، إضافة إلى مجموعة الممتلكات والأصول والأسهم التي يحصل عليها الأفراد للحصول على المال، وترجع أهمية الإستثمار الى كونه آلية تستخدم لدفع عجلة التنمية الإقتصادية للدولة، إذ يعد من أهم الركائز الأساسية التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية للدول وزيادة دخل الأفراد في الدولة وهو وسيلة مُثلى لتشجيع تدفق المال الأجنبي وجذب الاستثمارات الخارجية ورؤس الأموال، وترجمةً لذلك فقد أولت سلطنة عمان اهتماماً ملحوظاً ومتماشيا مع خططها التنموية وبالأخص رؤية عمان 2040 والتي ترتكز على تحقيق التنويع الاقتصادي، بما يضمن استمرار معدلات النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة وكذلك والاعتماد على المصادر المتجددة للدخل والذي لا يتأتى الا بتوفير البيئة المناسبة لذلك  وتهيئة المناخ الإستثماري المناسب والذي بدوره يشكّل عامل جذب للإستثمار الأجنبي.

حيث يمثّل صدور قانون الاستثمار الأجنبي بموجب المرسوم السلطاني رقم 50/2019 الصادر في الأول من يوليو 2019م نقلةً نوعية في الإقتصاد العماني، وذلك لما اشتمل عليه من حوافز ومزايا اسثمارية وضمانات تكفل حقوق المستثمرين لمشاريعهم ومن جانب آخر تسهيل الاجراءات وتذليل العقبات في التراخيص والتصاريح للمشاريع الاستثمارية، وغيرها من الحوافز والمزايا التي أشاد بها المستثمرون وخبراء الإقتصاد. وبموجب المادة الخامسة من قانون استثمار رأس المال الأجنبي فقد دخل القانون حيز التنفيذ في الثاني من يناير 2020م وفقاً لما أشارت عليه المادة الآنفة بأن يكون العمل به بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

وسعياً من لدُن المشرّع العماني لمواكبة التطورات التي تطرأ في العالم وإحداث التغييرات اللازمة خاصة في خضم المتغيرات الحالية والظروف الحاصلة في العالم أجمع، وتحقيقا للغاية السامية من القانون جاء صدور قانون تبسيط إجراءات التقاضي رقم 125/2020 والصادر في الحادي عشر من نوفمبر 2020م، الذي في حقيقة الأمر قد أضفى قدرًا كبيراً وملحوظاً من المرونة والسرعة في إجراءات التقاضي في بعض المنازعات بما يتناسب مع طبيعتها، كالمنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي، والمنازعات التي تنشأ بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية، ومنازعات العمل الفردية الناشئة من تطبيق قانون العمل، والمنازعات الناشئة من عقود مقاولات البناء، والمنازعات المتعلقة بالمحررات المشتملة على إقرارٍ بدين المحررة أو المصادق على توقيعات ذوي الشأن فيها، من الكاتب بالعدل، وأيضًا إجراءات القضايا الجزائية المُتعلقة بالشيكات.

ونسلّط الضوء في هذا المقَال عن أهم التغييرات التي طرأت على المنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضعة لقانون استثمار رأس المال الأجنبي بعد صدور قانون تبسيط إجراءات التقاضي 125/2020، والذي دخل حيّز التنفيذ بتاريخ 23 يناير 2021م وفقاً لنص المادة الرابعة من ذات القانون والتي أشارت بأن يُعمل به بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. والجدير بالذكر بأن نزاعات قانون استثمار رأس المال الأجنبي كانت تطبّق عليها نصوص قانون الاجراءات المدنية والتجارية رقم 29/2002 قبل صدور قانون تبسيط إجراءات التقاضي 125/2020.

 ونوجز أهم هذه التغييرات التي تجلَّت في شأن منازعات قانون الاستثمار الأجنبي 50/2019 وفقا لقانون تبسيط اجراءات التقاضي 125/2020 في الاتي :

  • تنص المادة الاولى من قانون تبسيط اجراءات التقاضي بأنه مع مراعاة أحكام التحكيم والقضاء الأدراي، تخضع المنازعات التجارية للمشروع الاستثماري والخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي حالياً الى قانون تبسيط إجراءات التقاضي 50/2019 ونصوصه والى اللائحة التنظيمية الصادرة بموجب القرار الوزاري رقم 104/2021م، وباستقراء المادة الأولى من قانون استثمار رأس المال الأجنبي تعريفات وأحكام عامة، ورد تعريف المشروع الاسثماري وهوأي نشاط اقتصادي يقيمه المستثمر الأجنبي بمفرده أو بمشاركة أجنبي اخر أو عماني، في السلطنة“، فنظرا لما يتسم به قانون تبسيط اجراءات التقاضي من مرونة وسرعة في إجراءات التقاضي بما يتناسب فعلياً مع المنازعات التي قد تنشأ في المشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي فقد أخضع المشرع هذه المنازعات لقانون تبسيط إجراءات التقاضي، إذ كان قانون الاجراءات المدنية والتجارية هو القانون الواجب التطبيق قبل أن يدخل قانون تبسيط إجراءات التقاضي حيز التنفيذ بتاريخ 23 يناير 2021 .
  • وفقاً للمادة الرابعة من قانون تبسيط اجراءات التقاضي، تختصّ الدائرة الابتدائية المشكلة من قاض واحد دون غيرها بالفصل في جميع المنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي، اذ لا عبرة بقيمة المنازعة التي قد تنشأ للمشروع الاسثماري ، فلم يجعل المشرع للإختصاص القيمي اعتباراً في تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع بحسب قيمة المنازعة الناشئة، كما هو الحال في قانون الاجراءات المدنية والتجارية العماني 29/2002 والتي جعلت قيمة الدعوى محل اعتبار في تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع، ومن جانب آخر أيضا منح المشرع المحكمة الدائرة الابتدائية المختصة بنظر المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي ميعاداً محدداً للبت في المنازعة مدة لا تتجاوز 4 أشهر وفقاً للمادة العاشرة من قانون تبسيط إجراءات التقاضي، وحسناً فعل المشرع في تحديد مدة لا تتجاوز الـ 4 أشهر لتفصل الدائرة الابتدائية في المنازعة، فأنّ المتبصر لواقع الحال في المحاكم الابتدائية في مدة نظر الدعاوى التجارية والفصل فيها فأنها طويلة وقد تصل أحيانا الى أكثر من سنة، لا سيّما الدعاوى التي قد تتجاوز قيمتها مئات الالاف. فدرءا لتفاقم الخسائر المالية للمشروع الاستثماري التي قد يتكبدها المستثمر في أثناء نظر الدائرة الابتدائية المختصة بنظر المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري فقد حدّد المشرع مدة لا تتجازو أربعة أشهر للفصل في المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري.
  • أما بالنسبة لاستئناف الأحكام الصادرة من الدائرة الإبتدائية فقد حدد المشرع في المادة 11 من قانون تبسيط اجراءات التقاضي نصاب قيمي لقبولها وهو أن تتجاوز قيمة المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري (2000) ألفي ريال عماني وأيضا حدد ميعاد الاستئناف ب15 يوما من اليوم التالي لصدور الحكم وفقاً للمادة 13 من ذات القانون، على أن تفصل الدائرة الاستئنافية وتصدر حكمها في المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون استثمار رأس المال الأجنبي في فترة لا تزيد عن 6 أشهر، ويتضح جلياً بأن المشرع قد وضع حلولاً سريعة ومؤثرة لتقليص مدة التقاضي وسرعة الفصل فيها، ولا سيما في ظل التطورات التي يشهدها النظام القضائي في الآونة الأخيرة، والتطور التكنولوجي المتلاحق، وظهور أنواع جديدة من القضايا، وزيادة العدد الإجمالي المنظور بأروقة المحاكم باختلاف أنواع القضايا.
  • كمَا حدّد قانون تبسيط اجراءات التقاضي في المادة 14 إجراءات الطعن على الأحكام الصادرة من الدائرة الاستئنافية للمنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضعة لقانون استثمار رأس المال الأجنبي وجعل النصاب القيمي شرط قبول للطعن لدى المحكمة العليا وهو أن تتجاوز قيمة المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري (150000) مائة وخمسين ألف ريال عماني، وفي هذه الحالة إذا قضت المحكمة العليا بنقض الحكم المطعون فيه، أن تحكم في الدعوى، ولو كان الطعن لأول مرة، وذلك خروجٌ عن ما قرّرته المواد 240 و 241 من قانون الاجراءات المدنية والتجارية 29/2002 من ناحية، ومن ناحية أخرى نلاحظ بأن المشرع وفقا لقانون تبسيط اجراءات التقاضي قد منح المحكمة العليا سلطة البتّ والفصل في المنازعة التجارية للمشروع الاستثماري كما لو أنها محكمة الموضوع التي رُفع فيها المنازعة التجارية ابتداءاً وذلك في حالة نقض المحكمة العليا للحكم المستأنف الصادر من الدائرة الاستئنافية، وذلك إن دل على شيء فيدلّ على رغبة المشرع الدامغة الى تحقيق الغاية المُثلى والمرجوّة من إصداره لقانون تبسيط اجراءات التقاضي، وذلك بما يتناسب مع المنازعات المنظورة الخاضعة لقانون تبسيط إجراءات التقاضي وتوجه إرادة المشرع لتطوير المنظومة القضائية ومواكبة التطوّر في الجانب القضائي بما يضمن حماية الحقوق واستقرار المراكز القانونية.

ختاماً، وبعد تسليط الضوء على بعض التغيرات التي طرأت على المنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضع لقانون الاستثمار الأجنبي بعد صدور قانون تبسيط اجراءات التقاضي 125/2020م والذي بدء العمل به في يناير 2021، فأنّ سعي المشرّع نحو تحديث منظومة التشريعات بما قد يتناسب مع طموح المستثمر الأجنبي وإيجاد الضمانات والحوافز التي تضمن توفير البيئة المناسبة  لهو سعي دؤوب، وذلك لمحاولة تحفيز جذب الاستثمار الأجنبي الى السلطنة والذي لا يتأتّى الا في ظل قانون خاضع للتطبيق على تلك المنازعات التي قد تنشأ كقانون تبسيط إجراءات التقاضي والذي أضفى قدراً كبيراً من المرونة والسرعة في إجراءات التقاضي للمنازعات التجارية للمشروع الاستثماري الخاضعة لقانون استثمار رأس المال الأجنبي.

المُحامي : عبدالملك بن يعقوب المحرزي.

محامي بشركة الخليلي والغيلاني وشركاؤهم للمحاماة.



By continuing to use the site, you agree to the use of cookies. more information

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

Close